السينما بين الوهم و الحقيقة


خبر خريبكة: عزالدين كريران

في هذا المقال اتناول تجربة باولو بازولوني  الكاتب و المخرج و السيناريست الإيطالي  بيير باولو بازولوني  الدي أقدمه للقارئ كقموس سينمائي.

ينبه بأول وارن في كتابه السينما بين الوهم والحقيقة إلى  خصوصية السينما بالقياس إلى الفنون الأخرى الأدب، المسرح ألموسيقى على سبيل المثال، التي تعبر عن الواقع بعدد من العلامات او الرموز او المواد  ذات الطبيعة الرمزية، ويؤكد على فكرة لبازوليني مردها إلى أن السينما هي الفن الوحيد الذي يعبر عن الواقع بالواقع نفسه.

و يمكن هنا التطرق إلى المطالعة النظرية التي قدمها بازولوني في إحدى المهرجانات الدولية، في إيطاليا خاصة سنة 1964 و التي وضح فيها أفكاره المتعلقة بلغة السينما وعلاقتها بالواقع.

وقد سبق لجان ديفلو ان طرح سؤالا اشكاليا حول  هذه العلاقة واجابه بازوليني “اذا كنت أريد أن اعبر عنك سينمائيا فتعين  علي ان اعبر عنك انت نفسك اي بشخصك. أما إذا أردت التعبير عنك بطريق الرموز مثلا ان ارمز لك بفيل او حقيبة او تفاحة، فإني اكون مضطرا لاعبر عنك بهذه الاستعارات ان استخدم فيلا حقيقي او حقيبة او تفاحة حقيقية.. انا اعبر عن ما اريد اذن من خلال اشياء واقعية.

فكل رمز هو كيان مادي واقعي، وهو بمثابة رمز ايقوني حي.

لنبدأ اذن بأهم الأفكار التي تتناول خصوصية التعبير السينمائي، يؤكد بازوليني على أهمية الجهود النظرية في مجال السينما، بالنسبة لأي بحث يتناول لغة  السينما ثم يعود ويطرح المسألة التالية: يستند التعبير  الادبي في ابتكار الشعري على اللغة المنطقة التي هي ملك مشاع للجميع، بينما لا يستند التعبير السينمائي كما يبدو على اي اساس اطلاقا. فنحن نجد إمكانات الاتصال في السينما غامضة وادارية ولا يوجد تحت تصرفها اية لغة متداولة، لأننا نتفاهم فيما بيننا بواسطة الكلمات وليس بواسطة الصور، ومع هذا فإن الفيلم موجود ويتكلم لغة مفهومة مما يؤكد استناه إلى علامات مفهومة أيضا. غالبا تدرس السينما بدون فرق نظم العلامات :انها تتكلم عن نظم العلامات اللغوية، لكن ذالك لا يستبعد قيام أنظمة للعلامات الايمائية، والذي يجعل لغة الكلام  مفهومة حينما يندمج  ويرتبط بها في الاتصال الواقعي… و ندكر بالفرضية المجردة التي  تعتبر نظام العلامات الايمائية الوسيلة الوحيدة، المباشرة، للتفاهم الانساني، و ارتكازا  على هذا النظام المفترض من العلامات المرئية تؤسس اللغة إمكانات وجودها العملية و قدرتها على خلق انماط اصيلة للاتصال والتفاهم. بهذا يتمكن جمهور السينما قراءة الواقع بصريا، فالعالم الخارجي يعبر عنه بواسطة صور نمطية، اي نموذجية ألا وهو عالم الذكريات، والأحلام الكامن في أعماق الناس، ويقوم هذا العالم على تداعيات صوره التي هي بمثابة علامات بصرية قياسية ومتشابهة وتصلح كقاعدة للاتصال في السينما، ثم تأتي مقارنة  للأدب بالسينما، تمتلك وسائل التعبير الادبي تاريخيا نظامها الواقعي المعقد والناضج. أما لغة السينما فهي خام جدا، كما أن إدارتها اللغوية قائمة على الجديد تقريبا. ولنوضح بشكل ابسط :كل نظام علامات لساني يعتمد على جميع العلاقات المتداولة بصحوبة بحركة ايمائية معبرة عند الاستعمال اللغوي، رغم ان هذا القاموس غير مكتمل من الناحية المعجمية، إلا أنه كامل كامل من الناحية العلمية أثناء استخدامه..

هنا تنحصر المهمة التاريخية للسينما في خلق علاقة بين علامات الصور ذات العمر القصير فيما يبقى المعجم الذي ينظم السينمائي بواسطه اسلوب عمله خلفية تاريخية عامة. إلا أن الأشياء الواقعية التي تصير صورة سينمائية تملك اجماعا حولها فتجعلها وسيلة اتصال صورية ممكنة ومشاعة للجميع. وبما ان الأشياء الواقعية لا توجد لداتها، فإن كل شيء من هذه الاشياء يمتلك طاقة التعبير الكافية لتجعله رمزا.