ولادة حتى وهي بين فكي سمك قرش بني  


 

مسحت ولوحة غلاف اهل العتمات

خبر خريبكة : عبدالرحمان مسحت روائي وكاتب صحفي   

 

كما لو سقطت من السماء أو من مكان سحيق.. قالوا إنها كانت بحرا له ضفاف وزبد و رمل.. ثم تراجع البحر رويدا رويدا فأصبحت برا له سطح وهضاب وبراري ..تراجع البحر مخلفا بقايا عظام وأنياب سمك  .. وتحول كل هذا الركام  إلى فوسفاط فكانت ولادة مدينة اسمها ” خريبكة”، لتنجب قرى منجمية، مثل ” بولنوار” و” حطان” و” بوجنيبة”…وتناسلت القرى والمدن منذ سنة 1920 ، تأوي العمال ” الكادحين المناضلين من اجل كسرة خبز معجون بالفوسفاط والعرق .. مدينة يقول المؤرخون إنها ولادة: أنجبت العمال والفلاحين والمثقفين والفنانين…أنجبت كل هذا الخليط العجيب على مدى سنوات طويلة. هي أيضا بؤرة هجرات متوالية إلى أوروبا، وتحديدا، نحو فرنسا وايطاليا واسبانيا . وبفضل سواعد العمال ”العطاشة”،  خلال سنوات الأربعينات من القرن الماضي، وهجرات الشباب نحو أوروبا، ودخول العملة الصعبة ، قبل الأزمة الاقتصادية العالمية، اتسعت رقعة المدينة، وبدا الاسمنت المسلح يأتي على الأخضر واليابس، وانتعش سوق العقار قبل أن يتحول إلى غول وحشي ..ابتلع أحلام البسطاء وقض مضجع فئات عريضة من الخريبكيين.. هذا الغول، توالد أيضا وأصبح يتخذ له أكثر من شكل، ومثلما ابتلع أحلام البسطاء في سكن كريم، ابتلع أيضا أحلام المثقفين، فصارت القصيدة يتيمة والقصة مكلومة وعجت الساحة بأشباه المثقفين يولولون ويصرخون.. ويهرولون في كل اتجاه..

ولكن الشمس ما تزال تشرق كل صباح على فنجان قهوة وقلم وورقة وقصيدة… إنها حكاية بسيطة لمدينة اسمها” خريبكة” ، ولادة حتى وهي بين فكي سمك قرش بني ….