عودة فاطمة الفهرية


 

 

خبر خريبكة: عبد السلام هلالي

فاطمة بنت محمد الفهرية هي  امرأة  مسلمة، هاجرت من مدينة القيروان بتونس إلى فاس عاصمة المغرب مع أهل بيتها، و نزلت بعدوة القرويين في عهد إدريس الثاني، ترتبط سيرة فاطمة أم البنين ببناء أول جامعة في تاريخ البشرية (حوالي القرن الثامن الميلادي).

و بعد اثني عشر قرنا نظهر فاطمة أخرى، إنها فاطمة الفجيجية، التي تبرعت بما يناهز ستمائة مليون لبناء المدرسة الوطنية للتجارة و التسيير بوجدة، صرحت و هي ترى أول لبنات هذه المؤسسة العلمية  ” أريد إنفاق مالي في شيء ينفع الإنسانية “

و في المقابل، فقد بادرت سيدة ثانية باقليم سطات ، تدعى “نجية نظير” إلى التبرع بما قدره 12 مليون درهم لبناء وحدتين تعليميتين، ثانوية تأهيلية بها داخلية و مدرسة ابتدائية.

إن كانت فاطمة الفهرية و فاطمة الفجيجية و نجية السطاتية، و هن نساء قد تبرعن بأموالهن لبناء معالم علمية تنفع الإنسانية و تنشر المعرفة، فما خطب اولئك الذين ينتشرون في الشوارع و أمام المساجد و في الأسواق يحملون يافطات تدعو إلى المساهمة في بناء مسجد أو ترميمه، و يلحون في السؤال، و لإن المغاربة “أكرمهم الله” لا يتراجعون عما هو في سبيل الله، يعقدون على هؤلاء بأموالهم و ماكسبت أيديهم.

و من خلال هذه العمليات بنيت عشرات و مئات المساجد اليوم في جميع أرجاء الوطن. وقد يستحيي الإنسان عندما يؤم مسجدا يتسع لمئات المصلين، عندما يكتشف أن مرتديه لا يتجاوز عددهم بضعة أفراد. مسجد تتوفر فيه كل وسائل الراحة من المكيفات وأفرشة ذات جودة عالية ومرافق صحية معدة إعدادا للنظافة ووسائل إلكترونية حديثة من مكبرات الصوت و تلفزات وغيرها. في حين فان أبناء شعبنا في البوادي و المداشر والقرى و حتى المدن منها الصغيرة و الكبيرة، لا تتوفر مدارسهم على أبسط الوسائل التعليمية و لا حتى المرافق الصحية، في وقت تجد نوافذ و أبواب قاعات الدرس مكسرة، طاولات مهشمة، وأنصاف سبورات.

ألم يحن بعد الوقت الذي تتحول فيه هذه التبرعات لبناء المدارس و المؤسسات الجامعية و مراكز البحث العلمي، إن المحسنين الحقيقيين يحبون الإنفاق دون معرفة هويتهم، و هذا هو الخطأ، يجب على كل محسن اليوم أن يعرف بنفسه و بالمقدار الذي أنفقه حتى لا تتخذ أمواله مسارا آخر ، عليه أن يتبع خطة فاطمة الفجيجية و نجية السطاتية و ليرسم اسم هذا المحسن في دفتر الذهبي للمؤسسة التي تبرع بماله لبنائها.

عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : ” قال رسول الله :  ” إن مما يلحق المؤمن من عمله و حسناته بعد موته : علما علمه و نشره وولدا صالحا تركه ومصحفا ورثه أو مسجدا بناه …”

إن العلم يحتل المرتبة الأولى في حديث الرسول و تربيته الأبناء في المرتبة الثانية لأنه بدون العلم و الأبناء الصالحين، لن تقوم قائمة لمجتمع تخلى عن تعليم أبنائها إلا بتشييد و إعطاء المدارس و المعاهد أهمية قصوى.

يقول الشاعر :

ربوا بنيكم ،علموهم، هذبوا
فتياتكم، فالعلم خير قـوام
والعلم مال المعدمين إذا هموا
خرجوا إلى الدنيا بغـير حطام